أبرزت التقديرات الاوّلية للحسابات القومية الثلاثية أن النشاط الاقتصادي قد سجٌل نموا في حجم الناتج المحلي الإجمالي المعالج من تأثير التغيرات الموسمية بنسبة بلغت 1,0 بالمائة على مدى الثلاثية الثانية للسنة الحالية (من أفريل إلى جوان لسنة 2024)، وذلك مقارنة بالثلاثي المماثل في السنة الفارطة، أي بحساب الانزلاق السنوي. وتسجل بالتالي وتيرة النمو السنوي تحسنا نسبيا بالمقارنة بتقديرات النمو الاقتصادي الكلي خلال الثلاثية الأولى (0,3 بالمائة).
اما بحساب التغيرات ربع السنوية، أي مقارنة بالثلاثي الأوّل من السنة الحالية، فقد سجل حجم الناتج المحلي الإجمالي تدرٌجا بنسبة 2,0 بالمائة، بينما كان قد ارتفع بنسبة 0,6 بالمائة خلال الثلاثية السابقة.
وعلى هذا الأساس، يكون الاقتصاد التونسي قد سجل نموا بـ0,6 في المائة خلال السداسي الأوّل من السنة الحالية. في حين لم يدرك بعد حجم الناتج المحلي الإجمالي مستواه المسجل في نهاية عام 2019، أي قبيل الأزمة الصحية.
منحى النمو يعكس بالأساس تدارك النشاط في القطاع الفلاحي، في حين يتواصل تذبذب أداء القطاع الصناعي
بعد تعثٌر الإنتاج الفلاحي خلال السنوات الفارطة نتيجة للظروف المناخية وخاصة في مجال الحبوب، سجلت الأنشطة الفلاحية على مدى النصف الأوٌل من 2024 تحسٌنا ملحوظا في منحى النمو حيث تطوٌرت القيمة المضافة بنسبة 2,6 بالمائة و 8,3 بالمائة على التوالي خلال الثلاثي الأوٌل و الثاني، و ذلك بحساب الانزلاق السنوي. وبالتالي، تقدٌر مساهمة القطاع الفلاحي بـ 0,66 نقطة مئوية في نسبة النمو المسجلة للناتج المحلي الإجمالي (1.0).
كما أفضت التقديرات الأولية إلى تسجيل انخفاض في قطاع الصناعات المعملية بحساب الانزلاق السنوي بنسبة 1.9- بالمائة لحجم القيمة المضافة خلال الربع الثاني من العام الحالي.
وتراجع حجم القيمة المضافة في قطاع الطاقة، المناجم، الماء والتطهير ومعالجة النفايات بحوالي 6.3- بالمائة مقارنة بنفس الفترة من السنة السابقة، نتيجة لتقلص الإنتاج في قطاع استخراج النفط والغاز الطبيعي بنسبة 14.4- بالمائة من ناحية، وتراجع نشاط قطاع المناجم بنسبة 2.5- بالمائة بحساب الانزلاق السنوي من ناحية أخرى. وفي المجموع، يكون القطاع الصناعي قد سجّل تراجعا بـ 3.0- بالمائة خلال الثلاثي الثاني من سنة 2024 بالمقارنة بالثلاثي المماثل في السنة الفارطة. أما فيما يخص قطاع البناء والتشييد، فقد تم تسجيل نمو سلبي من جديد قُدٌر بـ 3.5- بالمائة بحساب الانزلاق السنوي.
في حين حافظ النشاط الاقتصادي لقطاع الخدمات خلال الثلاثي الثاني من السنة الحالية على حيويته النسبية لكن على وتيرة أدنى، أين سجل حجم القيمة المضافة ارتفاعا بـ 1.4 بالمائة، مساهما إيجابيا بـ 0.24 نقطة مئوية في نسبة النمو المسجلة (1.0). ويعزى هذا التطور السنوي إلى ارتفاع القيمة المضافة في قطاع النزل والمطاعم والمقاهي بـ 8.2 بالمائة وقطاع النقل بـ 1.2 بالمائة وقطاع الاعلامية والاتصال بـ 2.5 بالمائة.
ارتفاع نسق نمو الطلب الداخلي تزامنا مع تعافي النشاط الفلاحي
في ظل تحسٌن الظرف الاقتصادي في قطاع الفلاحة، ارتفع الطلب الداخلي عرضيا والمتكوّن من نفقات الاستهلاك وتكوين رأس المال الخام، أي الاستثمار، حيث تطور حجمه خلال الثلاثي الثاني من سنة 2024 مقارنة بنفس الثلاثي لسنة 2023 بنسبة قُدِّرَت بـ 2.6 بالمائة ومساهما بالتالي إيجابيا بـ 2.8 نقطة مئوية في نسبة النمو المسجلة للناتج المحلي الإجمالي (1.0). وفي المقابل، ساهم صافي المبادلات الخارجية من جهته سلبيا بـ 1.8- نقطة، نتيجة لتقلٌص حجم الصادرات من السلع والخدمات بنسبة (3.1- بالمائة) وارتفاع طفيف في حجم الواردات (0.8 بالمائة).